فيديو اخبار كليبات صور يعني كل حاجة

شاهد بيتك او مدينتك عبر القمر الصناعي

هل تكره امريكا العرب والمسلمون

أكد الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى أكثر من مناسبة وأكثر من مكان، وآخرها خطابه التاريخي الشهير من جامعة القاهرة أنه لا يعادى الإسلام أو المسلمين. ليس فقط لأن الإسلام أحد العناصر التى يتشكل منها وجدانه هو شخصيا، باعتباره ابنا لرجل كينى مسلم، لا يزال يحمل اسمه وهو (حسين)، ولكن أيضا وفى الأساس لأنه قدم نفسه من البداية كصوت معتدل وسط غوغائية سلفه جورج بوش وخطابه الاستفزازى الذى صرف العالم عن أمريكا وزاد درجة العداء لها ولسياساتها فى كل مكان فى العالم وليس فقط بين العرب والمسلمين.
والحقيقة أن ما يقوله أوباما ليس جديدا، فقد سبق أن ردده خبراء الأمن القومى الأمريكى على اختلاف انتماءاتهم السياسية فى أكثر من وثيقة وآخرها وثيقة صدرت عن الرئاسة الأمريكية بشأن استراتيجية الولايات المتحدة فى سبتمبر 2002، وجاء فى فقرة منها أن استراتيجية الأمن القومى الأمريكى ستعتمد أساسا على تعاون أمريكي ملموس مع دول العالم، ذلك التعاون الذى سيعكس مزيجا بين القيم الأمريكية من جهة، وبين المصالح القومية الأمريكية من جهة أخرى. وهدف هذه الاستراتيجية هو السعى ليس فقط لجعل العالم أكثر أمنا ولكن لخلق عالم أفضل.
لكن هل يكفى هذا الكلام لطمأنة العالم الإسلامى بشكل عام، والدول العربية بصفة خاصة، حول طبيعة ونوايا الإدارة الأمريكية وأهداف الولايات المتحدة الخفية والمعلنة؟. وهل هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001 كانت وحدها التى فجرت موجة العداء الأمريكى تجاه الدول الإسلامية أم الصراع بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى قديم وأزلى، وأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة سواء كانت من الجمهوريين أو الديمقراطيين ترى دائما أن أفضل طرق الدفاع تتلخص فى توفير هجوم فعال وأمن داخلى قوى يمكنه ردع أى هجوم، ولا تنسى بالطبع خلال ذلك الاستعانة بالدول الصديقة، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية فى الوصول إلى الهدف المنشود، فالكل سيشارك فى مطاردة الإرهابيين، وفى إعادة تعمير الدول المتأسلمة حتى تصير مرة أخرى بؤرة للإرهاب.
وهذا هو ما يحذر منه كتاب الباحث الأمريكى المعروف "روبرت. ج. أليسون" والذى ترجمه أحمد فتحى وصدر مؤخرا عن دار هيفن للترجمة والنشر بعنوان "أفول الهلال.. أمريكا والعالم الإسلامى.. سنوات فى الحروب البربرية".
ويقول في كتابه: "إن إلقاء التهمة جزافا على العرب والمسلمين له معنى سلبى، وله عواقب مختلفة أكثرها سىء، منها أن الولايات المتحدة أعلنت أنها لا تحارب الإسلام والمسلمين، كما أن تهمة الإرهاب تفسح الطريق لكل شىء، وبكل الطرق، ولذا فإن ما بعد 11 سبتمبر لا يعد كشفا عن تحول حقيقى تكون بالتراكم والتدريج عبر قرون سواء تجاه العالم، أو تجاه المنطقة العربية".
ويظل التساؤل قائما: هل ما حدث - وهو جلل بالنسبة للولايات المتحدة - له جذور؟.. وهل سيدفع بها نحو مزيد من سياسات القوى؟.. أم نحو مراجعة هذه السياسات التى كانت محصلتها هى التى قادت إلى ما تعرضت له فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 باعتبار ما حدث عرضا وليس سببا.
وهناك تساءل آخر أهم وهو: ما هى جذور تلك المشكلة؟.. وما رؤية الولايات المتحدة لهذا الحدث؟.. وكيف أدركته؟.. وكيف نفسره عبر تاريخ العلاقات الأمريكية الإسلامية؟.. وهل رأت أن ما حدث ناجم عن مجرد العداء للغرب ونموذجه أو لعادات وتقاليد العالم الحرج أم هو رد فعل لسياسات ظالمة سابقة تعرضت لها شعوب عديدة؟.. ألم يتطرق التفكير والبحث إلى طرف آخر- غير العرب والمسلمين - قد يكون ضالعا فى تلك الأحداث؟.. ولماذا عدم الإعلان عن الأدلة مع الرفض فى نفس الوقت وبشكل واضح وصريح لكل تساؤل حول فواعل أخرى غير تنظيم القاعدة؟.
ومن هنا تأتى أهيمة هذا الكتاب الذى يكشف النقاب عن العداء الأزلى الأبدى بين الولايات المتحدة بوصفها امبراطورية وبين العالم الإسلامى الذى تنظر إليه نظرة دنيا.
ويتناول الكتاب تاريخ الصراع بين الولايات المتحدة ودول شمال أفريقيا فيما بين عامى 1776 – 1815 والتى كانت تعرف باسم الدول البربرية نسبة إلى قبائل البربر.
وتنبع أهمية الكتاب من أن هذا التاريخ يكشف الكثير عن الهوية الغربية الأمريكية، ويستعرض كيف أن الولايات المتحدة منذ نشأتها كدولة جمهورية وهى تعانى من اضطرابات فى العلاقات بينها وبين الدول الأوروبية والإسلامية، وغيرها من الدول. كذلك منذ أن كانت أمريكا دولة وليدة مازالت تخطو خطواتها الأولى نحو الهوية القومية، وتنتابها نزعة أن تكون دولة مختلفة فى سمو أخلاقى يليق بأنها دولة حرة ومستقلة، وكيف أن صراعها مع العالم الإسلامى ألقى الضوء على الصورة النمطية التى يرى بها الأمريكى نفسه، ويرى الآخر بانعكاسها، وهذا الآخر فى هذا الكتاب هو العالم الإسلامى الذى يمثل بالنسبة للأمريكيين رمز التخلف والتأخر، بينما يرى الأمريكيون أن دولتهم هى التجسيد الحى للقيم النبيلة مثل الحق والإخاء والمساواة وحقوق المواطنة والحضارة.
ويرى مؤلف الكتاب "روبرت أليسون" أن تلك الفترة العصيبة من تاريخ أمريكا قد شكلت جزءا كبيرا من الهوية الأمريكية، والدروس والعبر التى تعلمها الأمريكيون وطبقوها فى طريقتهم فى التعامل مع الآخر، ولاسيما العالم الإسلامى لاحقا، بعد ارساء قواعد الدولة الأمريكية فى القرن التاسع عشر واستقرار أمورها وأحوالها نسبيا.
ويتناول كتاب "أفول الهلال" بالشرح والتحليل علاقة أمريكا بالعالم الإسلامى، من جوانب مختلفة، ومنها ما يتعلق بالسياسة الأمريكية وشبح الإسلام الذى يعتقد معظم الأمريكيون أنه يهدد حضارتهم، وأوجه الخلاف بين الحضارتين ووهم من صوروه على أنه صراع بين الديانتين الإسلام والمسيحية.
ويقول مترجم الكتاب فى مقدمته: "إن المؤلف "روبرت.ج. أليسون" قد جسد فى كتابه الفكر الثاقب الثرى بالمعلومات المعبر عن أوقات الصدام بين الجمهورية الأمريكية الناشئة وبين العالم الإسلامى ويفسر بعض الأمور غير المفهومة فى السلوك الأمريكى مثل الميل إلى شيطنة شخصيات مثل الخمينى فى إيران وصدام حسين فى العراق".
وينتقد "أليسون" وضع المرأة فى العالم الإسلامى فى نفس الحقبة، حيث كانت هى والعبيد من الفئات المهمشة اجتماعيا، ويتناول العلاقة بين العالمين المتناحرين وما وقع بينهما من شد وجذب تراوحت بين الاتفاقات والعلاقات الدبلوماسية، وبين الحروب الضاربة عبر البحار، كما يخصص فصلا كاملا عن مشكلة الأسرى الأمريكيين التى اعتادت الدول "البربرية" أسرهم كل فترة من السفن الأمريكية التى كانت تغير عليها فى البحر المتوسط.
ويوضح الكاتب النظرة الأمريكية للعالم الإسلامى كأرض خصبة للمغامرات للرحالة والمستكشفين وسحر الشرق الأخاذ وأنها أراضى يسيطر عليها التخلف والجهل والقيود الاجتماعية والدينية والسياسية مما جعلها هدفا سهلا لمن يريد نهب ثرواتها واستغلالها، كما كانت من الناحية الثقافية نموذجا لما يمكن اجتنابه من أخطاء فى إطار الرؤية الأمريكية لبناء أمة عظيمة فى المستقبل.

0 comments:

Blog Archive